التدخين في جامعة أم القرى !!
بسم الله الرحمن الرحيم
ربِّ يَسر وأَعِن ،،
من رحم المعاناة تنبثق الحكاية ( توطئة يسيرة ) :
كنت في إحدى المرات جالسًا لتناول الفطور في جامعتنا فأتى لنفس الطاولة التي أجلس عليها شخصان وجلسا
بجواري ، و مد أحدهما يده إلى جيبه فأخرج علبة السجائر بكل برود كأن الأمر طبيعي محض ، ثم تناول سيجارة منها و
أشعلها بكل بلادة و اقتدار ، فلا تسأل عن أسف ارتمى إلى خاطري ، و لا تسأل عن تلك الأدخنة كم آذتني وآذت غيري
، و هذا و أمثاله كثر ، و حالهم واحد غاب عنهم الرقيب والحسيب فأضحى نشيدهم :
خلا لك الجو فبيضي واصفري = ونقـري ما شئت أن تنقـري
فأخذت دفتره الذي كان بين يديه ، و كتبت له على آخر صفحاته :" إذا كان من حقك أن تدخن فمن حق الآخرين أن
يستنشقوا هواءًا نقيًا " ، ثم أعدت الدفتر إليه فقرأها و نكسّ رأسه و أودع السيجارة القمامة ، و كتب لي في أسفل
العبارة : " أنا آسف " .
أم القرى و حروف لم تحركها الفعال ( في أحضان المقال ) :
لا يَغيبُ عن مدارِك أولي الألبابِ و الحِجا ، مَدى أهمّية التوعيةٍ و الإرشاد ، و دورِها الهام في إذبال بريق الفكرِ المُنحرف
، و تجليه خباياه ، و الوقوف ضدّه و تَمحيصِ الصورة المشِينة فيه عن الصورة اليافعةٍ المُستحسنة ، و هذا الدور لا يكون
لوحده ذا معنى و جدوى بكلّيته ، بل لا بدّ أن يَلتقِي معه فرضٌ القوةِ التي تردع هذا الباطل ، وتُلقي به في أسفل
سافلين ، هذا الإرشادٌ و هذه القوة الرادعة هما عينين في رأسَ واحد ، من دونٍ أَحدهما لن تَكون نتيجةٌ الرؤيةِ مثمرة ،
ولن يكونَ مداها كما ينبغي ، و قد قيل قديمًا اليد الواحدةٌ قاصرةٌ عن التصفيق ، فكذلك الإرشَادٌ و القوة هما بنفس
المنزلة إن فُقد أًحدُهما اختل عمل الآخر وضعف ، بل ربما أضحى به الأمر فكان عجزًا وخورًا ، و حينما توّزع الجامعة
الموقرة أم القرى - حماها الله – تلك المنشورات مشكورة عن آفة التدخين و تحذّر منه أولًا وتندد ثانيًا بعقوبات صارمة
فهي قد أعلمت الجزء الإرشادي فقط الواجب عليها ، أما الجزء الآخر التطبيقي فلا علم لي هل هو مجرد حبر على
ورق ؟!، أم أنه قيد التنفيذ و ينتظر الفرج حتى يطبق واقعًا مشاهدًا محسوسًا ؟؟! ليكن كذلك فهذا ما نؤملّه و نرجوه و
إن كانت المدة قد طالت وبعد أوانها ، و أنا في ذات الوقت لا أبالي أن أقارن جامعتنا – تولاها الله بحفظه- مع بعض ما
تصنعه الجامعات الأخريات في العقوبات التي تفرضها في سبيل الكبت و الحدّ من التدخين بين أروقتها ، و أكتفي أن
أعرج على صور هي غاية في البشاعة ، أما و إنّا نراها بين أروقة جامعتنا فهذا ما يزيد المنظر سوءًا ، على حين أن في
ذلك تجاهلًا لما تفرضه الجامعة من قرارات تتخذها ، مما يشكل بعض الحيرة في مدى القدرة التنظيمية التي تعتدٌّ بها
الجامعة كونها واحدة من أبرز مقوماتها ، من هذه الصور ما نراه في بعض المكاتب الإدارية من تعامٍ عن ذلك فالتبغ يشرب
عيانًا في هذه المكاتب ، ونحن نعلم جيدًا حكاية الطاووس يوم أن اعوج سيره :
مَشَـى الطـاووسُ يومـاً باعْـوجاجٍ؛=فـقـلدَ شكـلَ مَشيتـهِ بنـوهُ
فقـالَ: عـلامَ تختـالونَ ؟ قالـوا: = بـدأْتَ بـه ، ونحـنُ مقلـِـدوهُ
فخـالِفْ سـيركَ المعـوجَّ واعـدلْ = فـإنـا إن عـدلـْتَ معـدلـوه
أمـَا تـدري أبـانـا كـلُّ فــــرعٍ = يجـاري بالخـُطـى مـن أدبـوه؟!
وينشَــأُ ناشـئُ الفتيــانِ منـا = علـى ما كـان عـوَّدَه أبـــوه
و إن تعامينا عن هؤلاء وقلنا لهم العذر - و محال أن يكون ذلك لهم- ، فلينظر اللّب الحصيف في تلك الأروقة التي ملأتها
أدخنه التبغ و لا وصف لها أبلغ من كلمات لصديق كان بجانبي يتعجب قائلَا : " كأننا بكازينو "، و يا ليت شعري ؟! أيكون
هذا في مكان يسمى "جامعة " ؟! بل أيكون في أرض هي مهد للرسالة و مركز للانطلاق الدعوة التي ضجت بها أركان
الدنيا ؟!
قد يكون لنا جزء ثان مع هذا الموضوع نستعرض فيه بعض الأفكار الأخرى ، وبعض الملاحظات الهامة في مثل هذا
الموضوع ، فنسأل لنا ولكم الإعانة .. و أعتذر لهذه الكلمات الركيكة ، لضيق الوقت و تعّذر الفكر عن استحضار ما ينبغي
، و آمل أن تضيف لها آرائكم و ردودكم رونقها فتكتمل الحلة جمالُا و تسوّي كلماتكم بعض الرتوق فيها .. ،،
اضافة تعليق